الاثنين، 16 مايو 2011

وادي العشاق

م

كان من عادتي أن أسير في البكور لبعض
الوقت مستمتعا بهواه الرطب ونسماته العليلة 
الرقيقة وفي أحد الايام سمعت كلمة تتردد من 
بعيد كأنها همسات في اذان الصبح تقول أحبك .


 جذبتني الكلمة فأردت أن أعرف من أين
يأتي هذا الصوت في هذا الوقت المبكر من 
الصباح فتنصت جيدا كي احاول تتبع هذا 
الصوت وسرت ببطئ شديد لأنه يتردد على
فترات متباعدة حتى أني لا أذكر الى متى 
ظللت أسير حتى وصلت الى تلال خضراء
كانت اول مرة أراها في حياتي في هذا المكان وكأنها وضعت حديثا.

 تمتد عن اليمين وعن الشمال لا تكاد ترى لها 
نهاية مزينة في قممها بازهار لم أرها قط على
أرض الدنيا. على أرض زرعت بنبات أخضر
 لا يشبه ما نراه في الحدائق أملس رقيق ولكنه

أيضا قوي اذا مر به النسيم اهتز جميعا في 
اتجاه واحد هزة رقيقة ثم عادت الى موضعها
ثانية في انسياب ترى بعض أوراق الورود 
تتطاير بانتظام من كل قمة فتخط على الارض 
مسارات كأنها ممرات الى مكان ما.

 اذا نظرت الى السماء لا ترى فيها شمسا 
وكذلك لا ترى فيها غيوما مظلمة وانما صفحة 
شفافة شكلت فيها السحب أشكالا جميلة لم ترها 
العين من قبل . قد سحرني جمال ما رأيت

في المكان وشغلني لحظة عن الصوت الذي كنت 
أتبعه فلما أفقت من هذا تتبعت الصوت ثانية.
فصعدت إلى قمة التل فوجدت من بعده وادي
فسيح قد عجزت عن وصف سحره بالكلمات 
ولكن اسمعا مني هذا الوصف البسيط.


أرض خضراء منبسطة لا توجد بها منطقة ترتفع 
عن الأخرى كثيرا وإنما تنساب كصفحة ماء عذبة
متموجة ترتفع في خجل ثم تنخفض ثانية الى
مستواها الطبيعي . وفي حواف الوادي أسفل
التلال قد غرست زهور ما أروعها من زهور
ليست كل واحدة منفردة بذاتها وانما تصنع كل
مجموعة منها شكلا مميزا لم أتعرف عليه في
بادئ الأمر لأنه كان جزءا من شكل أكبر. 

ثم اتجهت بنظري الى وسط ذلك الوادي 
فوجدت ينبوع ماء عذب صافي قد انتثرت 
المياه من حوله في قنوات قسمت الوادي الى
اجزاء متساوية ومنتظمة تجد على حواف 
هذه القنوات قد غرست أشجار من أنواع شتى
ولكنها جميعا تساوت في الارتفاع واذا نظرت
لقممها وجدتها مطأطأه تتشابك
 كل شجرة مع من تقابلها على الضفة الأخري .

وعلى أغصانها طيور مااروع هذه الطيور
 وهذا الريش الملون ليس له مثيل قط يقفون
جميعا في ازواج ويعزفون لحنا يجذب الانتباه
ويسحر العقول وتخشع له القلوب ويقشعر له
البدن ليس بالحزين وليس ايضا بالمرح ولكنه 
يعطيك شعورا لم تجربه ابدا في حياتك .


اذا دخلت الى النهر الصغير بين الاشجار
رأيت الجانب الاخر من الشجرة المواجه
للماء قد زين بمخلوقات مضيئة بالوان مختلفة
تكتب كل منها حروفا لم أفهمها ولم أعرف ماذا تعني.


كان هذا هو المكان الذي قادني اليه الصوت
فوجدت بعد فترة أنه ليس الصوت الوحيد 
الذي يتردد وانما اصوات عديدة قد تعلو 
بعضها عن بعض وقد تصدر الاخرى في
صورة همسات خفيفة فنظرت الى المكان الذي تصدر 
منه الاصوات وجدتها قد ملأت المكان من فوق
رأسي تسبح في جو السماء كأطياف مضيئة بضوء
خافت لا يزعج عين الناظر اليها بل يجذبه اليها.


نظرت الى وجوههم وجدتها منيرة قد ارتسمت 
علي شفاههم ابتسامة رقيقة عذبة .
حاولت أن اتحدث مع أحدهم كي أسأله
عن هذا المكان وما يكون كل هذا ولكني 
آثرت السكوت كي استمتع بهذا الصفاء والهدوء 
لبعض القوت فقد لا أراه ثانية وكيف لعاقل 
أن يعكر هذا الصفاء بصوته ولو حتى
بدافع الفضول الذي ولد به الانسان .

مر علي الوقت وقد نسيت لم أتيت؟ أو حتى من أين أتيت؟ 
فلما عدت إلى صوابي ثانية بعد أن سحرني جمال المكان
تذكرت الكلمة التي اتت بي الى هنا وكان
لها الفضل في أن أرى هذا المكان الرائع.

كلمة أحبك وجدت نفسي حائرا لا أدري من أسأل 
عن حقيقة هذا المكان وبينما أنا في حيرتي هذه 
رأيت نورا يسطع من بعيد حاولت أن أدقق النظر
به ولكني لم أستطع أن أواصل النظر اليه لشدة الضوء.

  فانتظرت حتى يقترب مني الضوء وأتحقق منه.

فلما أصبح بجواري 
وجدته
عبارة 
عن
................................. البقية في الجزء الثاني  
بقلم:
ب.ن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق