السبت، 21 مايو 2011

وادي العشاق الجزء الثالث و الاخير


قلت يا عماه وما بال تلك الورقة انها ذابلة ولكنها لا تسقط ولا تخضر أيضا فنظر إليها ثم بكى واغرورقت عيناه بالدموع فاقتربت قليلا منه ووضعت يدي على ظهره وسألته ماذا أبكاك قال هذه الورقة ورقتي قلت إذا كيف وصلت الى وادي العشاق من دون أن تسقط الورقة قال لقد ماتت قبل أن أخبرها بأني أحبها ولكم كان في صدري من حب عظيم لها لقد ماتت قبل أن اقول لها أحبك كانت قريبة مني ولم أنطقها يوما حتى يوم طلبتها منى هربت من أمامها ولم أخبرها ثم ظل يبكي ثم قال بعدما ماتت اخذت عهدا بأن أذهب الى قبرها كل فجر وأبكي عنده وأظل أردد أحبك أحبك لعلها تسمعني ولكن قد فات الأوان فلن يفيد الملام بعد الان ظللت على ذلك اثنى عشر عاما اذهب كل فجر الى قبرها حتى في يوم من هذه الأيام وجدت رجلا بثياب بيضاء ووجه منير تبدو عليه الطيبة فأوقفني وقال لي أتريد أن ترى مكانا قد يخفف من ألمك قلت وما يكون هذا المكان قال وادي العشاق فذهبت معه لأني لم أعد أحتمل بعد كل هذا الحزن سرنا معا فترة وجيزة لا أحسبني ابتعدت كثيرا عن المكان الذي كنا به ولكني وجدت نفسي هنا في هذا المكان ثم أخبرني أن ألبس هذه الثياب وقال إنك لن تستطيع أن تتخلص منها طالما أنت هنا ولكنها ستؤلمك ولكن كلما آلمتك نسيت ألم قلبك وكنت لا أنسى ألم قلبي أبدا فقبلت منه العرض فطلب مني أن أجلس تحت هذه الشجرة وأراقب أحوال العشاق وأخبرني أن هذا المكان هو وادي العشاق وأخبرني عن الشجرة كما قلت لك من قبل ثم أخبرني عن تلك الحروف على الأزهار بأنها أسماء العشاق كل على حسب قدر حبه ومكانته في هذا الوادي فرضيت بالاقامة في الوادي لا أتحدث الى أحد لأن كل من يأتون هنا قد اكتفى كل واحد منهم بمن معه فهي من أرادها وهو من أرادته فلم يشتغل أحدهم عن الآخر ولا يسمح لشئ بأن يصرف انتباهه عنها.
فقلت ولكنك لم تخبرني لما ناديت علي ولم أحضرتني الى هذا الوادي؟ نظر إلي ثم قال -والدمع بدأ يظهر في عينيه ثانية- لأنك ستقع في الخطأ الذي وقعت أنا فيه فقد كنت أراقبك طوال هذه السنين وأرى كيف أحببت هذه الفتاة وقد علمت من ورقتك في هذه الشجرة أن مصيرك سيكون مثلي فرفعت صوتي بالكلمة التي وددت لو أني قلتها قبل فوات الأوان والآن أنت من عليه أن ينطقها . فقلت له وكيف علمت أني أحبها بهذا القدر الذي اشعره من كلامك قال لقد رأيت منك ومن أفعالك ما يدل على ذلك . فقلت له كيف؟ قال حين تسهر الليل تفكر فيها ولا يشغل فكرك شئ سواها وحين تستيقظ لا تتمنى من الدنيا شيئا الا أن تراها . قلت وماذا أيضا قال حين تقابلها تخجل عيناك من النظر اليها رغم شدة شوقك لها وحاجتك الى النظر في عينيها فكم من الآم خففتها تلك النظرة ومحتها. قلت وماذا أيضا وقد بدأت عيناي تدمعان أنا أيضا قال حين تمر الأيام ولا تراها يكاد قلبك ينخلع من صدرك كي يذهب للقاها تشعر بالامها قبل أن تخبرك بها تشعر بها وكأنها بجوارك تعرف متى فرحت ومتى حزنت ومتى بكت دون أن يخبرك أحد بذلك علمت أنك تحبها حينما رأيت جسدك يهتز عندما سمعت أنها مريضة وكأن الموت ينتظرك أنت رغم أن مرضها لم يكن شديدا علمت أنك تحبها حين تتضرع في كل صلاة من أجلها حين تقدمها في الدعاء على نفسك وتيقنت من حبك حين علمت أنك دعوت بأن يكون السوء الذي كتب لها من نصيبك ويكون الخير لها الخير فقط فلا تبكي ولا تحزن هي يوما وتتعذب أنت طوال حياتك من أجلها قال علمت أنك تحبها حين....فقلت كفى يا عماه وقد بدأ الدمع يسيل من عيني أنهارا فأجهشت في البكاء ثم قلت له إنك لعلى علم بما في صدري وتعلم أني لن أستطيع يوما أن أنطق هذه الكلمة كيف أقول لها أحبك وأنا حتى لا أستطيع أن أرفع عيني بعينها فوضع الرجل يده على ظهري وقال يا ولدي إن لها حق في أن تعرف كل هذا الحب فإنها أيضا تحبك ولم ات بك إلى هنا إلا لما علمت أنكما لا تستحقان عذاب الفراق ولوعة البعاد فلن تطيقها أنت ولن تسامح نفسك يوما على ذلك .
فهدأت قليلا ثم أنشدت قائلا:
أحب في صمت ويعجز لساني                      وعدم الكلام يؤرق أجفــــــاني
كم مرة وددت قولهــــــــــــــــا                     ولكني آثرت سلامة الكتمــــــان
هي بالقرب مني تسنطقنــــــــي                    فتشعل في قلبي أعظم النيـــران
فتغضب وتعيب على صمـتي                   فلا أعلم كيف أصرح لها بالحــنان؟
فكل يوم يمــر من دون رؤيتها                    يزيد شوقي وشعوري بالحــرمان
ويلطف من نار قلبـــــي قربي                      وقد ضقت ذرعا بلأحـــــــــزان
فعينيكي تذكرني بالسمـــــــــاء                      وخصرك يذكرني بالبــَــــــــان
وهذا الشعر بســــواده وبريقه                      يضئ ظلمة الليل في كــــــــل آن
فاعلمي أن حبك يتدفق في جسدي                  عبر هذا القلب وذاك الشريــــان
وأني في حبك صادق الوعد                        فقد حطم شوقي كل الجـــــــدران
سأبوح بحبي لكـــــــــــــــــي                             وأنشره في كل مكـــــــــان

بقلم
ب ن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق